قبل عامين أو أكثر كتبت مقالا أوسعت فيه الرئيس السابق مبارك نقدا وتجريحا ولم يكن هذا أمرا غريبا فقد كانت تلك أشبه بالصيحة الجديدة في مصر لأول مرة في تاريخها بفضل هذا الرجل الذي لم يكن طاغية قط.
وكان الجديد الذي أضفته أن وقعت باسمي خماسيا وكتبت رقم هاتفي وعنوان بيتي بالتفصيل متحديا أمن الدولة، وعلم الله أني وقتها كنت ملاحقا من أمن الدولة ويشهد سبحانه ألم ينلني منهم أذى قط! كنت أقصد نزع الخوف من قلوب القراء وأن أكون رائدا لهم تحقيقا لمبدأ إن كنت إمامي فكن أمامي، وكذلك لأني أؤمن حسب عشقي لعلم النفس أن الخوف داخلي لا خارجي وأننا لا نهرب لأننا نخاف وإنما نخاف لأننا نهرب كما قال وليم جيمس.
بل حتى لما ذهبت بنفسي إلى أمن الدولة في مقرهم بمدينة نصر ولمست في المكان رهبة وهيبة كان المحقق معي برتبة مقدم ولم أصدق أنه كان بهذا الخلق الكريم. مرة أخرى الله يشهد على كلامي أن واصل الرجل الحديث معي حتى عرف أني وقتها كنت رقيق الحال فشطب اسمي من المحرومين من المدينة الجامعية وحياني قائلا: أنا خادمك وما نفعله ليس إلا لحمايتكم!
كان أبو العريف أحمد المسلماني في كل حلقة من برنامجه الملاكي الذي يرسل فيه الشتائم لكل من يخالفه حريصا على أن ينقل صورة مبارك كل ليلة متحدثا عنه بتبجيل غير عادي وناقلا كل خبر ولو كان عاديا ثم هو بعد الثورة وفي ختام الحلقة يُظهر كل رؤساء مصر ليس من بينهم مبارك في جريمة لا تغتفر، وهي حذف التاريخ حتى لو لم يكن على مزاج سي أحمد المسلماني أفندي الذي أصر على ملكية مبارك لسبعين مليار دولار على الأقل ولم يعلم أن الجارديان كذابة لأنها نقلت هذا الخبر الكذوب عن مجلة الخبر الجزائرية، وكانت الأخيرة قد كتبته انتقاما من مبارك أيام الأزمة الكروية.
كان مبارك عفا كريما عظيم الخلق لما ترك المعارضة تنهش في عرضه وتمارس الردح والشردحة والفتيا في كل شيء من الاقتصاد إلى الطاقة النووية، ولله أبوك يا جهاد الخازن لما قلت: الصحفي العربي يكتب عن الفيزياء النووية وقد كان راسبا في الحساب في الابتدائية!
وفي الحادثة المشهورة عن الشيخ محمد الغزالي كان مبارك قد قال له: ادع لي يا شيخ محمد عندي سبعون مليونا أحمل همهم فصاح فيه الغزالي مستنكرا وموبخا بشدة ومع هذا أصر مبارك على استرضائه كثيرا لدرجة أن جرى وراءه وفتح له باب السيارة بنفسه طالبا منه المغفرة!!!!!
عذرك يا مبارك أنك كنت عف اللسان ولم تكن قليل الأدب كأكذوبة العصر الحديث جمال عبد الناصر الذي كان ذا كاريزما لأنه كان بذيئا وغير مسؤول في تصريحاته التي أعادت البلاد إلى الوراء مئة سنة على الأقل.
كان عذرك يا مبارك أنك لم تكن ممثلا مسرحيا تلعب بالبيضة والحجر مثل السادات بل كنت دوما صريحا وكنت رحيما بشهادة عدوك محمود جامع حيث كلف مبارك الأجهزة الأمنية بمراقبة حساباته والتحقيق معه في شبهات حوله ولما غضب جامع أصر مبارك على تقبيل رأسه والاعتذار له لما ثبت له أنه بريء!!!!!!
أنت إلى الآن بريء يا مبارك ولم يثبت القضاء شيئا ضدك. ولما وضع الشيخ الشعرواي يده على كتفك وكأنك تلميذ لديه أو طفل في حضرته كنت في غاية التواضع وكان هو كالعادة لابسا ثوبا فضفاضا صنعه له تليفزيون السادات وما أكثر نفاق الشعراوي للسادات. أنا هنا أيها الرجل لأدافع عن عرضك مهما أخطأت عملا بقول الحق تبارك وتعالى "إن الحسنات يذهبن السيئات." وحسناتك كثيرة. في كليتي لم يكن الأساتذة يحضرون وكان أبناء الفلاحين منهم يقولون لنا مستنكرين: أنتم تريدون أن تتعلموا مجانا يا أولاد الفلاحين وكانوا يتركون الجامعة ويذهبون إلى الأكاديميات الخاصة لحفنة من المال بلا ضمير أو رادع فما ذنبك؟ في مستشفى مدينتي أطنان من القمامة وأطباء وممرضات لا تدري من يتحرش بمن إلى أن يصل المرء بالطبيب أن يداعب الممرضة بقرصها في أردافها فما ذنبك أنت؟
في بلادنا صحفيون مرتزقة وإسلاميون انتهازيون يعملون لأجندات خارجية وضمائر خربة وأخلاق كالقطران لا يحتاج المرء ليراها إلا إلى مجرد نزهة بسيطة في أيٍّ من شوارع المحروسة فما ذنبك أنت؟
قلت كل هذا ولدي ما هو أكثر لأن المولى سبحانه عندما ذكر الخمر التي هي أم الخبائث أثبت منافعها! كانت تلك الآية آية في العدل والإنصاف لأنه حتى الخمر لها حسنات وأنت لست خمرا يا مبارك.
وهذا ندائي إلى القوات المسلحة بعد أن اتهم ابن الشيخ محمود البنا في قناة الحياة وأمام الملايين مبارك بالزنا وأن زكريا عزمي كان يجلب له العاهرات ليزني بهن: حاسبوا ابنكم فلا أحد فوق القانون لكن لا تتركوا عرضه منهوبا في الطريق العام. كونوا رجالا كما عرفناكم دوما وأخرسوا ألسنة هؤلاء المجرمين.
0 comments:
إرسال تعليق
جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).