0
يا عزيزي كلنا فلول


يا عزيزي كلنا فلول
===========

مصر وحشتني اوي .. يمكن لأن المصري لا يشعر بقيمة ترابها الا وهو بعيد عنها ؟
لكن هذه المرة الموضوع مختلف فأنا لم ابعد عن مصر ولم اسافر خارج اراضيها لكن هي التي قررت تبعد .. بأحداثها وثورة اولادها التي تبدو معها ثم تأتي نتائجها وكأنها ضدها , المهم انني لا اقيم الان مايحدث بعد كل الاساتذة والمحللين والاعلاميين الذين تبنوا الثورة بعد نجاحها وتحدثوا عن دورهم البارز في اطلاقها واعتقد انهم نفسهم الذين سيعلنون تخليهم عنها اذل لزم الامر بعد ذلك !
مصر وحشتني اوي , بعد ان تحولت الحقائق فيها الى " نكت " اخرها ماتردد مؤخرا عن نفي الاخوان لمسؤوليتهم عن زلزال القاهرة الاخير لأن الهز حرام , وما قيل ايضا أن الرئيس مبارك اتصل هاتفيا بحبيب العادلي بعد اعصار اليابان وقال له , شايفين الشغل النضيف يا بهوات ؟ .
مصر وحشتني لأن معظم جماهير الكرة المصرية يحملون حسام وابراهيم حسن مسؤولية ماحدث في مباراة الزمالك والافريقي التونسي لأنهما من " فلول " النظام وهذه هي ضمن محاولتهم لإجهاض الثورة !
مصر وحشتني لأن البسطاء فيها تركوا اعمالهم طمعا في نصيبهم من الأموال التي سيتم تفريقها عليهم بعد عودة المنهوب منها من الخارج وقد اتفق معظم البسطاء أن نصيب الفرد لن يقل عن 86 ألف جنيه من هذه " التركة "!
لا أنكر أنني فرحت جدا بمصر وهي ترتدي اعلامها فوق معظم السيارات في الشوارع وتضع شعارات الثورة و " بادجاتها " في كل مكان ممكن, لكنني تراجعت عن فرحتي عندما تذكرت قانون المرور الذي فرض علينا ارتداء حزام الامان واكتشفت بعد ذلك انه لا يهدف لسلامتنا لكنه بهدف ترويج لصفقة احد رجال الاعمال لبيع احزمة الامان التي استوردها من الصين !
مصر وحشتني بعد أن وجدت صفحة على الفيس بوك بعنوان " احنا اسفين يا تونس " انطلقت إلى الانتر نت في منتصف مباراة الزمالك والافريقي التونسي وكأن مصر قررت الكلام عن نفسها بطريقة الفيس بوك بعد الثورة !
مصر لم توحشني لوحدي بدليل مايحدث الآن في عيادات الطب النفسي من تزايد اعداد المترددين عليها بعد حالة الاكتئاب الجماعي لأغلب المصريين الذين يشعرون انهم غرباء عن مصر وهم في قلبها .. بدليل حالة الصمت والحزن والاستياء الموجودة على ملامح من يحبون هذا الوطن بحيادية لدرجة انني سمعت البعض يقول فساد واستقرار افضل من ثورة وفوضى !
مصر وحشتني بدون كلمات معلبة ومحفوظة مثل اجندة وفلول وحركة وانتفاضة وغياب امني واعتصام والشعب يريد والرحيل والفساد والطاغية والانتقام وعشرات الالفاظ التي دخلت حياتنا ولا نعرف كيف نستخدمها واين نقولها لدرجة أنه لم يعد غريبا ان تحدث مشاجرة بين سائق واحد الزبائن بسبب اختلافهما سياسيا واعتبار ان السائق ان الزبون هو احد فلول النظام !
ربما استطيع ان اعلق عدم فهمي لما يحدث على شماعة ثقافتي السياسية المحدودة , لكنني لا استطيع تعليق إحساسي بأن مصر وحشتني على نفس الشماعة , لأن الاحساس لا يقرأ من الكتب والمجلدات والدوريات المنتظمة وغير المنتظمة .. الاحساس الذي يراودني يؤكد انني لست الوحيد المصاب بهذه الخطيئة اذا اعتبرنا كلامي سيترجم انني احد " الفلول " ايضا طالما انني لم انشر صوري مع عمرو واكد وتيسير فهمي وبسمة في الميدان او ربما لأنني لم اكتب قصيدة في حب الشهداء لتنال زوجتي منصبا مرموقا في ماسبيرو مكافأة على تواجدي الفعال كأحد رموز المرحلة وكل المراحل القادمة مهما اختلفت مبادئها وقيادتها .
ارجوكم انصحوني كيف اتخلص من خطيئتي او علموني كيف لا تشعرون بوحشة الوطن , فربما يكون ذلك الاحساس الذي يراودني نادر الوجد ولا يشاركني فيه احد .. ربما احتاج لجلسات كهرباء مكثفة او كورسات ظلام في احد مقرات امن الدولة الجديدة لأنسى مافات واعيش ماهو آت واتخلص من الجلد الزائد الذي يكسو ملامحي ويضفي عليه طابع " الحزن "!
مصر وحشتني ولا اعرف كيف اعود اليها ولا كيف تعود لترتمي في حضني .. وحشتني وكأن العمى اصاب عيني او عينها حيث لا نرى بعضنا في اشد اوقات الحياة اضاءة .
وحشتني فيها التناقضات بعد ان غطت عليها المزايدات . وحشتني فيها الاكراميات بعد ان تحولت الى حقوق واجبة وجزية , وحشتني فيها غلاسة ضباط الكمائن والاشارات بعد ان تحولت الى " خليك فريش احنا في ثورة " وحشتني بعناوين صحفها الملتوية من تحت لتحت ضد النظام بعد ان اصبحت عناوين صريحة لكنها غير قابلة للتصديق والواقعية لأنها تتلون بالاصفر والاحمر الباهت .. وحشتني فيها اغاني الوطن التي كانت تدمع معها العيون وتشعر فيها بالشجن وللاسف تحولت الى اغان تثبت جواز مرور النجوم لجمهور التحرير واثبات احقيتهم في رفع شعارات البلد الجديدة !
بجد مصر وحشتني اوي وخايف مشفهاش تاني !

بقلم محمود فاروق

0 comments:

إرسال تعليق

جميع الردود تعبّر عن رأي كاتبيها فقط. حريّة النقد والرد متاحة لجميع الزوار بشرط أن لا يكون الرد خارج نطاق الموضوع وأن يكون خال من الكلمات البذيئة. تذكّر قول الله عز وجل (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد).

 
تعريب وتطوير مدونة الفوتوشوب للعرب
ثورة اسقاط نظام أم اسقاط دولة؟؟ © 2010 | عودة الى الاعلى
Designed by Chica Blogger